كان أُولَئِكَ الكفرة دعوا رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إلى حكم يحكم بينهم في منازعة وقعت بينهم؛ إما في الرسالة وإما في الكتاب، فقال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا) ثم بين فقال: (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا) كيف أبتغي حكما غير اللَّه وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا، ما تعلمون أنه من عند اللَّه نزل عجز الخلائق عن إتيان مثله.
ثم اختلف في قوله:(مُفَصَّلًا) قيل مُفَصَّلًا، بالحجج والبراهين ما يعرف كل عاقل لم يكابر عقله أنه من عند اللَّه نزل.
وقيل: مُفَصَّلًا بالأمر، والنهي، والتحليل، والتحريم، فيقول كيف أبتغي حكما غير ما أنزل اللَّه، وقد أنزل كتابًا مُفَصَّلًا مبينًا، فيه ما يحل وما يحرم، وما يؤتى وما يتقى، فلا حاجة تقع إلى غير اللَّه.
وقيل: مُفَصَّلًا بالوعد والوعيد وما يكون له عاقبة؛ لأن العمل الذي يكون للعاقبة يكون فيه وعد ووعيد.
وقيل: مُفَصَّلًا مفرقًا؛ أي: أنزله بالتفاريق لم ينزله مجموعًا جملة، ما يقع بمسامع