قرئ بالياء والتاء، وأكثرهم على الياء، معناهما واحد، أي: لا يكون لهم فدية يومئذ، ليس أنه يكون لهم فدية ولا تؤخذ.
أو أن يقول على التمثيل، أي: لو كان لهم فدية، لكان لا تقبل منهم، يخبر أن أمر الآخرة على خلاف ما يكون في الدنيا؛ إذ في [الدنيا] ربما يحتال لدفع البلاء بالفداء مرة وبالشفاء ثانيا.
وقوله:(مَأْوَاكُمُ النَّارُ)، أي يأوون إليها.
وقوله:(مَأْوَاكُمُ النَّارُ)، أي: أولى بكم وأحق.
وقوله:(وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)، أي: بئس ما يصيرون إليها.
ثم في الآية دلالة نقض قول المعتزلة في تخليد أصحاب الكبائر في النار؛ لأنه تعالى جعل الناس على ثلاث فرق، وأنزلهم منازل ثلاثة: المنافقين، والكافرين كفر تصريح، والمؤمنين، وجعل النار لأهل الكفر وأهل النفاق، ولم يجعلها لغيرهما، وصاحب الكبيرة ليس هو بمنافق ولا كافر عندهم، وكذلك ما قسم اللَّه تعالى الناس أقساما ثلاثة: السابقين، وأصحاب اليمين، وأصحاب الشمال هم المكذبون، وأصحاب الكبائر ليسوا بمكذبين عندهم، وهو ما جعل النار إلا للمكذبين؛ ألا ترى أنه قال في آخره:(فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (٩٢) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (٩٣) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (٩٤) إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥). جعل الجنة للمقربين وأصحاب اليمين والنار للمكذبين خاصة، لم يجعلها لغيرهم، فمن جعلها لغيرهم، فهو مخالف لظاهر هذه الآيات التي ذكرنا، واللَّه أعلم.