للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غير هذه الآية: (اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى)، وذلك أنهم كانوا آمنوا بمُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قبل أن يبعث، فلما لم يبعث على هواهم، كفروا به؛ كقوله - تعالى -: (وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ).

ويحتمل: يشترون ضلالة غيرهم بالتحريف، والرشاء، ونحو ذلك؛ كقوله - تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)، وقوله: (اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا).

(أَلَمْ تَرَ) حرف التعجب عن أمر قد بلغه؛ فيخرج مخرج التذكير، أو لم يبلغه؛ فيخرج مخرج التعليم، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ) يحتمل وجهين:

(وَيُرِيدُونَ) أي: يتمنون أن تضلوا السبيل؛ لتدوم لهم الرياسة والسياسة؛ إذ كانت لهم الرياسة على من كان على دينهم، ولم يكن لهم ذلك على من لم يكن على دينهم؛ فتمنوا أن يكونوا على دينهم؛ لتكون لهم الرياسة عليهم.

وقيل: (وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ) أي: يأمرونهم ويدعونهم إلى دينهم؛ لما ذكرنا من طلب المنافع، وإبقاء الرياسة، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ ... (٤٥)

كأنهم - واللَّه أعلم - يطلبون موالاة المؤمنين، ويظهرون لهم الموافقة، فنهي اللَّه - تعالى - المؤمنين عن موالاتهم؛ كقوله - تعالى -: (لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا). . .)، إلى قوله - سبحانه وتعالى -: (هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ. . .) الآية، فأخبر اللَّه - تعالى - المؤمنين أنه أعلم بأعدائكم منكم.

ويحتمل أن يكون المؤمنون استنصروهم، واستعانوا بهم في أمر، فأخبر - عَزَّ وَجَلَّ - أنهم أعداؤكم، وهو أعلم بهم منكم.

ثم قال: (وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا)

أي: كفى به وَلِيًّا ومعينًا، وكفي به ناصرًا.

ويحتمل قوله: (وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا) مما أعطاكم من أعطاكم؛ أي: لا ولي أفضل من اللَّه - تعالى - ولا ناصرًا أفضل منه، منه البراهين والحجج، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ... (٤٦) وفي حرف ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>