وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) يشبه أن يكون قوله: (لِلْمُتَّقِينَ) الذين اتقوا الشرك وأمكن الذين اتقوا الشرك والمعاصي كلها، والأشبه أن يكون المراد منه اتقاء الشرك؛ لأنه ذكر بإزاء قوله:(وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) فهو في العقد أشبه.
وقال بعض أهل التأويل في قوله:(اهْبِطْ بِسَلَامٍ) من السفينة بسلام منا، فسلمه الله ومن معه من المؤمنين من الغرق، (وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ) يعني بالبركة أنهم توالدوا وكثروا بعدما خرجوا من السفينة.
وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في قوله:(وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ) ممن سبق له في علم اللَّه البركات والسعادة من النبيين وغيرهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا): هذا واللَّه أعلم صلة قوله: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ) فيقول: ولقد أرسلنا هودًا إلى عاد أخاهم.
ثم يحتمل قوله:(أَخَاهُمْ) الأخوة تكون على وجوه: أخوة جنس يقال: هذا أخو هذا نحو مصراعي الباب، يقال لأحدهما: هذا أخو هذا ونحو أحد زوجي الخف وأمثاله.
وأخوة النسب. وأخوة الدِّين؛ كقوله:(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، فهو لم يكن أخا لهم في الدِّين، فهو يحتمل أنه أخوهم في الجنس وفي النسب؛ لأن الناس كلهم ينسبون إلى آدم فيقال: بنو آدم مع بعد ما بينه وبينهم؛ فعلى ذلك يكون بعضهم لبعض