أي: خسرت، وخابت، كذلك قال أَبُو عَوْسَجَةَ، يقال: تب يتب تبا وتبابا.
ثم ما ذكر من قوله:(يَدَا أَبِي لَهَبٍ) يحتمل حقيقة اليد.
ويحتمل أن يكون ذكر اليد على الصلة.
فإن كان على إرادة حقيقة اليد، فهو يخرج على وجوه:
أحدها: ما ذكر: أنه كان كثير الإحسان إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، والإنفاق عليه، والصنائع إليه، وكان يقول: إن كان الأمر لمُحَمَّد يومئذ؛ فيكون لي عنده يد، وإن كان لقريش فلي عندها يد؛ فأخبر - واللَّه أعلم - أنه خسر فيما طمع ورجا من اليد التي له عنده والإحسان الذي أحسن إليه؛ إذ لم يصدقه، ولم يؤمن به، وخسر - أيضا - ما ادعى من اليد له عند قريش.
والثاني: يحتمل أن يكون من أبي لهب تخويف لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بالبطش والأخذ باليد؛ فأمن اللَّه - تعالى - رسوله عما خوفه به حيث قال:(تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ)، أي: خسرت يداه، ولا يقدر على البطش.
والثالث: يحتمل أن يكون اليد كناية عن القوة في نفسه وماله في دفع العذاب عن نفسه، وكذلك كانوا يدعون دفع العذاب عن أنفسهم؛ بقولهم:(نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ).
وذكر بعض أهل التأويل: أنه لما نزل قوله - تعالى -: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)، جمع عشائره الأقرب فالأقرب منهم، وقال:" إني لا أملك لكم من اللَّه نفعا في الدنيا والآخرة إلا بعد أن تقولوا شهادة أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وأني رسول اللَّه " فقال أبو لهب عند ذلك: " تبا لك يا مُحَمَّد، ألهذا دعوتنا؟! " فنزل عند ذلك: (تَبَّتْ يَدَا