للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإفسادها، وإخراجها عن الصفة التي أنشأها إلى ما ذكر لم يخرج من الإتقان والإحكام والإبرام؛ ليعلم أن ليس في إفساد الشيء خروج عن الإتقان إذا كان ذلك لحكمة، والله أعلم.

وقوله: (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ): وعيد لهم.

وقوله: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (٨٩)

قالوا جميعًا: الحسنة هاهنا: التوحيد والإيمان.

وقوله: (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا): قيل فيه بوجوه:

أحدها: من جاء بالتوحيد: توحيد ربه يوم البعث فله خير منها، ومجيئه ربه بالتوحيد إذا ختم به فله ما ذكر، شرط المجيء به، ولم يقل: من عمل بالحسنة فله كذا؛ لأن الرجل قد يعمل بالحسنات ثم يفسدها ويبطلها؛ فلا يثاب عليها؛ ليعلم أن ما ينتفع بالحسنات في الآخرة الحسنة التي ختم عليها وجاء بها ربه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا) أي: ما يعطى في الآخرة له من الثواب، والثواب والجزاء إنما يكون من الحسنة التي كانت منه في الدنيا منها يكون له جميع الخيرات في الآخرة.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا) أي: الذي أعطي له في الآخرة من الخيرات خير مما ترك في الدنيا من النعم وصبر عليها، فذلك خير مما ترك، كقوله: (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ)، كذا.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا) أي: رؤية الرب ولقاؤه خير مما أعطي غيرها من الخيرات، على ما يكون في الدنيا رؤية الملك ولقاؤه على الرعية أعظم وأفضل عندهم من غيره من الكرامات وإن عظمت وجلت.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: ذلك الثواب والجزاء في الآخرة خير مما عملوا به من الخيرات في الدنيا؛ لأن الثواب وجوبه الفضل والرحمة لا الاستيجاب والاستحقاق؛ إذ في الحكمة والعقل وجوب العمل، وليس فيهما وجوب الثواب، فما هو سبيله فضل اللَّه خير مما هو غيره.

لكنه عورض بأن ما كان سبيل وجوبه الحكمة والعقل خير مما كان سبيل وجوبه الإفضال؛ إذ ما كان سبيل وجوبه الحكمة والعقل لا يسع تركه، وما كان سبيل وجوبه الإفضال له تركه، لكنه قال: إن قوله: (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا)، أي: في طباعكم ووهمكم ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>