قَالَ بَعْضُهُمْ: هو صلة قوله: (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ. . .) الآية، أيئس الكفرة عما سألوا من الأشياء رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ثم أمر بالإنذار الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم وهم المؤمنون، أي: يعلمون أنهم يحشرون إلى ربهم، وأن ليس لهم ولي يدفع عنهم ما يحل بهم، ولا شفيع يسأل لهم ما لم يعطوا.
وجائز أن يكون تخصيص الأمر بإنذار المؤمنين لما كان الإنذار ينفعهم ولا ينفع غيرهم، وليس فيه لا ينذر غيرهم؛ وهو كقوله:(إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ)، ليس فيه أنه لا ينذر من لم يتبع الذكر ولا خشي الرحمن ولكن أنبأ أنه إنما ينفع هَؤُلَاءِ؛ كقوله تعالى:(وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)، أخبر أن الذكرى تنفع المؤمنين ولا تنفع أُولَئِكَ، ينذر الفريقين: من اتبع، ومن لم يتبع، ومن انتفع، ومن لم ينتفع، ويكون قوله:(لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ)، يعني: ليس لأُولَئِكَ أولياء ولا شفعاء؛ لأنهم يقولون:(هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ)، (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، ونحوه أخبر أن ليس لهم ولي ولا شفيع دونه.