وقوله:(وَأَسْلِمُوا)، ونحو ذلك، ولم نؤمر بمثله ابتداء في الصلاح ونحوه بأن نقول: نحن صلحاء أتقياء؛ فجاز ألا يمنع في الإيمان، ويمنع في غيره من الطاعات.
والثاني: أن ليس في نفس الإيمان تزكية؛ لأن كل أهل الأديان مؤمنون بشيء، كافرون بشيء، بقوله:(فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ)، وقول أُولَئِكَ:(نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ)، وقوله:(يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ)، وفي نفس التقى والصلاح تزكية.
وقيل:(فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) أي: لا تزكوا أهل دينكم ومذهبكم، وذلك متعارف في الناس: أنهم يزكون أهل مذهبهم وإن كانوا لا يعرفون صلاحهم وتقواهم، ويذمون أهل خلافهم في مذهبهم وإن لم يعرفوا منهم الشر وما به تجب المذمة، وذلك محتمل يحتمل ما ذكرنا أنه نهى كُلًّا في نفسه أن يزكي، واللَّه أعلم.