للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ)

أي: بالعدل؛ كقوله - تعالى -: (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) وكقوله - تعالى -: (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ. . .) الآية.

(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)

أي: العادلين في الحكم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ... (٤٣)

يُعَجِّبُ نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - شدة سفههم وتعنتهم بتركهم الحكم بالذي صدقوا، وطلب الحكم بما كذبوا؛ لأنهم صدقوا التوراة وما فيها من الحكم، وكذبوا ما أنزل على مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، يقول - واللَّه أعلم -: إنهم إذا لم يعملوا بالذي صدقوا، كيف يعملون بالذي كذبوا؟! وذلك تعجيب منه إياه شدة السفه والتعنت.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فِيهَا حُكمُ اللَّهِ)، أي: حكم اللَّه الذي تنازعوا فيه وتشاجروا: رجمًا كان، أو قصاصًا أو ما كان، واللَّه أعلم.

وقوله: (ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ)

يحتمل وجهين:

يحتمل: يتولون من بعد ما تحكم بينهم عما حكمت.

ويحتمل: يتولون من بعد ما عرفوا من الحكم عليهم بما في التوارة.

وقوله: (وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ)

أخبرهم أنهم ليسوا بمؤمنين، ثم سماهم كافرين في آخر الآية، بقوله: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) لم يجعل درجة ثالثة؛ فهذا ينقض قول من يجعل درجة ثالثة بين الإيمان والكفر، وهو قول المعتزلة.

وقوله: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ... (٤٤)

هدى من الضلالة، ونور من العمى، هدى لمن استهدى به، ونور لمن استنار به من العمى

وقوله: (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا)

اختلف فيه:

قَالَ بَعْضُهُمْ: الآية على التقديم والتأخير: يقول: يحكم بها النبيون الربانيون والأحبار

<<  <  ج: ص:  >  >>