قال الحسن: الماء مما رزقهم اللَّه، ولكن مكرر مثنى.
وقال أبو بكر: طلبوا الماء؛ ليدفعوا عن أنفسهم ما اشتد بهم من الظمأ والعطش، ثم تقع لهم الحاجة إلى الطعام؛ لأن الرجل إذا اشتد به العطش والظمأ لا يتهيأ له الأكل.
ولكن يشبه أن يكون طلب بعضهم الماء وبعضهم الطعام الذي رزقهم اللَّه، وهذا جائز، وإن لم يذكر؛ كقوله:(وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى) لم يكن هذا القول من الفريقين؛ ولكن كان من اليهود (إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا)، ومن النصارى:(أَوْ نَصَارَى)، فعلى ذلك هذا، واللَّه أعلم.
قيل: هذا مقابل قولهم في الدنيا للمؤمنين: (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ قال لهم المؤمنون في الآخرة مقابل ما قالوا لهم في الدنيا: (إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ).
وهذا - واللَّه أعلم - ليس على التحريم، ولكن على المنع؛ لأن الكفرة لا ينالون بعد أن نالوا ذلك حرامًا كان أو حلالًا، ولكن على المنع؛ كقوله - تعالى -: (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ) ليس هو تحريم حرمة أكل، ولكن منع، ويشبه أن يكون ذلك محرمًا على المؤمنين إطعام الكافرين من ذلك.