يذكر؛ صالحًا وحده، لكن ذكر المرسلين؛ لأن صالحًا كان يدعوهم إلى ما كان دعا سائر الرسل، فإذا كذبوه فكأن قد كذبوا الرسل جميعًا؛ إذ كل رسول كان يدعو إلى الإيمان بالرسل جميعًا، فإذا كذب واحد منهم - فقد كذب الكل. واللَّه أعلم.
تحتمل الآيات: آيات وحدانية اللَّه وحججه، ويحتمل: جميع الآيات: آيات الوحدانية، وحججه، وآيات رسالتهم. (مُعْرِضِينَ): أي: لم يقبلوها؛ فإذا لم يقبلوها - فقد أعرضوا عنها؛ أو أعرضوا عنها، أي: كذبوها.
يحتمل آمنين عما وعدهم صالح من عذاب اللَّه؛ حيث قالوا:(يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ)، كانوا آمنين عن ذلك.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: كانوا آمنين عن أن يقع عليهم ما نحتوا لحذاقتهم، وهو ما قال:(وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ)، على تأويل بعضهم: حاذقين.
يحتمل قوله:(فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ): أي: ما كانوا ينحتون، لا يغنيهم من عذاب اللَّه من شيء.
ويحتمل: فما أغنى عنهم ما عملوا من عبادة الأصنام والأوثان؛ حيث قالوا:(مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، ولقولهم:(هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ) أي: لم يغنهم ما عبدوا من عذاب اللَّه.
أو يقول: ما أغنى عنهم ما متعوا وأنعموا في هذه الدنيا؛ في دفع عذاب اللَّه عن أنفسهم؛ كقوله:(فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ. . .) الآية، أي: وإن أعطوا ما ذكر؛ من السمع، والبصر، والأفئدة، إذا لم ينظروا، ولم يتفكروا في آيات الله فجحدوها.