التمثيل، أي: اتخذوهم في الطاعة لهم والاتباع لأمرهم؛ كأنهم اتخذوهم أربابًا، لا على التحقيق، وهو ما ذكر من عبادتهم الشيطان، لا أحد يقصد قصد عبادة الشيطان، لكن صاروا بالطاعة للشيطان والاتباع لأمره كأنهم عبدوه.
وأما في المسيح فهو على التحقيق؛ لأنهم قالوا: ابن إله، وقالوا: ابن الإله إله؛ فهو يخرج في المسيح على التحقيق، وفي الأحبار والرهبان على التمثيل.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا).
يحتمل: إلا ليوحدوا إلهًا واحدًا الذي لا إله إلا هو.
ويحتمل: أي: ما أمروا أن يعبدوا آلهة على ما يعبدون من الأصنام والأوثان، ولكن أمروا أن يعبدوا إلهًا واحدًا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٣٢)
قيل: (نُورَ اللَّهِ): ذكر اللَّه وتوحيده.
وقيل: (نُورَ اللَّهِ): القرآن.
وقيل: (نُورَ اللَّهِ): هو الإسلام.
فإذا كان النور هو الذكر والتوحيد فهو - واللَّه أعلم - أنهم لم يكونوا يعرفون ذكر اللَّه، ولا يذكرونه، إنما كانوا يعرفون ذكر الأصنام، وإياها يذكرون، وبحق القرابة والرحم يتناصرون فيما بينهم، فلما أن بعث اللَّه رسوله محمدًا بذكر اللَّه وتوحيده، وأمر بالتناصر بحق الدِّين، أزادوا أن يطفئوا ذلك النور.
ومن قال: أراد بنور اللَّه القرآن، أرادوا إطفاءه؛ كقوله: (مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) و (إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ)، و (لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ)، ونحوه، أرادوا إطفاءه بنحو ما ذكرنا (مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى) وقولهم: (إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ. . .) الآية.
ومن قال: نور اللَّه هو الدِّين؛ كقوله: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ)، وقال: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ. . .)، في