وقَالَ بَعْضُهُمْ: البائس: الذي سألك، والفقير: المتعفف الذي لا شيء له.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: البائس: هو الذي به زمانة، والفقير: الصحيح الذي لا شيء له، وهو مثل الأول.
وقوله:(ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩) قال بعض أهل الأدب: التفث: لا يعرف في لسان العرب ما يراد به.
وقال الحسن: التفث: هو التقشف، وهو ترك الزينة، يدل على ذلك ما روي أنه سئل عن الحاج، فقال:" كُل أشْعَث تفِل ".
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: التفث في الأصل: الوسخ، يقال: امرأة تفثة: إذا كانت خبيثة الريح، وهو قريب مما قال الحسن: إنه ترك الزينة.
وروى في الخبر:" من وقف من عرفة بليل، وصلى معنا الجمع، فقد تم حجه وقضى تفثه "، ظاهر " قضى تفثه "، أي: نسكه.
وجائز أن يكون قوله:" قضى تفثه " أي: جاء وقت الزينة، وهو وقت الحلق واللباس، واللَّه أعلم.
وقوله:(وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ)، أي: ليوفوا ذبح ما أوجبوا ذبحه، ذكر فيما ساق من الهدْي لمتعته ولحجته الأكل منه؛ لقوله:(فَكُلُوا مِنْهَا)، ولم يذكر الأكل مِمَّا أوجب بالنذر؛ فلذلك يقول أصحابنا: إنه يجوز له التناول من هدْي المتعة والقِران، ولا يجوز التناول مما كان وجوبه بالنذر والكفارة، بل عليه أن يتصدق بالكل، وهو ما قال:(فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)، واللَّه أعلم.