وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (١٦) الآية، فاللظى: اسم من أسماء النار، والشوى: قيل: هي مكارم خلقه.
وقيل: هي القوائم والأطراف.
وقيل: هي الجلود.
والأصل أن نار جهنم تعمل على أصحابها كل قبيح وكل مستشنع مستفظع، فإن شئت صرفت ذلك إلى الأرجل، وإن شئت إلى الجلود، وإن شئت إلى مكارم خلقه الأخلاق؛ لأن التقبيح في كل ذلك موجود، وهو كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ)، فقيل في تأويل المطهرة وجوه.
إحداها: أنهن مطهرات من العيوب والآفات، وجملته: أنه ما من شيء يستحسن ويستقبح من خلق أو نفس أو معاملة إلا وهن مطهرات من ذلك، وما من شيء يستشنع ويستفظع إلا وذلك في أهل النار موجود.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) فجائز أن يكون الدعاء منها على التحقيق، وهو أن يجعل اللَّه تعالى لها باللطف لسانا تدعو به، أو يخلق فيها الكلام من غير لسان، فتقول: إليَّ، إليَّ.
وجائز أن يكون هذا على التمثيل، وهو أنها لا تدع أحدا يفر منها، ويتخلص من عذابها، فكأنها دعته إلى نفسها.
ثم قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) وجائز أن يكون قوله: (مَنْ أَدْبَرَ)، أي: من كان أدبر في الدنيا عن طاعة اللَّه تعالى، وتولى عن الإجابة لرسله؛ كقوله تعالى:(تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا)، أي: أعرض.
أو أدبر عن توحيده، وتولى عن النظر في حجته، وفيما جاء من عنده.
ويحتمل قوله:(أَدْبَرَ)، أي: أدبر عن طاعة اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -، (وَتَوَلَّى) أي: تولى الشيطان، من الولاية.