للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو أن يقال: لا تنازعوا؛ لأنكم إذا تنازعتم تباغضتم، فيفشلكم التباغض بأنفسكم، في الجهاد مع العدو، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -، (وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ).

قَالَ بَعْضُهُمْ: يذهب نصركم وظفركم.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: تذهب ريح دولتكم.

ويحتمل: (رِيحُكُمْ)، الريح التي بها تنصرون، وعلى ذلك ما روي عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور "، وهو ما ذكرنا: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا).

وقوله: (وَاصْبِرُوا).

أي: اصبروا للجهاد ولقتال عدوكم.

(إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).

بالنصر والظفر.

وفي هذه الآية تأديب من اللَّه للمؤمنين، وتعليم منه لهم فيما ذكرنا، أي: في أمر الحرب وأسباب القتال والمجاهدة مع العدو؛ لأنه أمرهم بالثبات، وأمرهم بذكر اللَّه، ونهاهم عن التنازع والاختلاف، وذلك بعض ما يستعان به في الانتصار على عدوهم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ ... (٤٧)

قوله: (بَطَرًا)، أي: كفرًا بنعم اللَّه؛ كقوله: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً. . .) الآية؛ فعلى ذلك خرجوا من ديارهم كفرًا بأنعم اللَّه؛ لأنهم خوجوا إلى قتال مُحَمَّد، وهو من أعظم نعم اللَّه على خلقه وهم كفروا تلك النعم حيث خرجوا لقتاله.

وكذلك قالوا في قوله: (بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا)، أي: كفرت.

<<  <  ج: ص:  >  >>