للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: (لِمَنِ اتَّقَى) جميع ما يحرم عليه الإحرام من الرفث، والفسوق، والجدال وغيره، وعلى ذلك قوله: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)، خوَّفهم عَزَّ وَجَلَّ ليتقوا اللَّه في كل وقت كل معصية. خرج الخطاب في الظاهر للمؤمنين، ويحتمل أن يكون للكفار أيضًا، يأمرهم أن يتقوا الشرك وإشراك غيره في أفعالهم، لما أوعدهم بالحشر والجزاء لأعمالهم.

* * *

قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (٢٠٤) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (٢٠٥) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (٢٠٦) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٢٠٧)

وقوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ).

قيل: إن رجلًا من الكفار كان يأتي رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فيخبره أنه يحبه وكان يعد له الإيمان والمتابعة له في دينه، ويحلف على ذلك، وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يعجبه ذلك ويدنيه في المجلس، وفي قلبه خلاف ذلك، فأنزل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ). . .) الآية.

وقيل: إنها نزلت في المنافقين؛ لأنهم كانوا يرون من أنفسهم الموافقة له في الدِّين، ويظهرون أنهم على دينه ومذهبه، ويضمرون الخلاف له في السر والعداوة، ويحلفون على ذلك، فأنزل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ. . .) الآية. واللَّه أعلم.

وقوله: (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)

قيل: أشد الخصام.

وقيل: أجدل بالباطل.

وقيل: أظلم في الخصومة، لا يستقيم أبدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>