قال أبو بكر الكيساني: قوله: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ): فيما تعبدكم من طاعته، ووعدكم من نصره، ولا تنظروا إلى الكثرة فتظفروا.
ويحتمل قوله:(وَاذْكُرُوا اللَّهَ) فيما لكم من أنفسكم وأموالكم، أي: إن أنفسكم وأموالكم له، إن شاء أخذها منكم بوجه تتقربون به إلى اللَّه، فاذكروا اللَّه على ذلك، وهو ما ذكر في قوله:(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ. . .) الآية.
ويحتمل: اذكروا اللَّه كثيرًا في النعم التي أنعمها عليكم.
أو يقول: اذكروا المقام بين يدي رب العالمين، وذلك بالذي يمنعكم من المعاصي والخلاف لأمره، وبعض ما يرغبكم في طاعته؛ فيكون على هذا التأويل الأمر بذكر الأحوال.
ويحتمل الأمر بذكر اللَّه باللسان، وذلك بعض ما يستعان به في أمر الحرب (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) لكي تفلحوا، بالنصر والظفر، أو (تُفْلِحُونَ) أي: تظفرون.
أطيعوا اللَّه فيما يأمركم بالجهاد والثبات مع العدو، ورسوله فيما يأمركم بالمقام في المكان، والثبات، وترك الاختلاف والتنازع في الحرب، وذلك بعض ما يستعان به في الحرب.
(وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا).
أي: لا تنازعوا رسوله فيما يأمركم في أمر الحرب وعما ينهاكم؛ كقوله:(يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ)؛ لأنكم إذا تنازعتم اختلفتم وتفرقتم، فإذا تفرقتم فشلتم وجبنتم؛ فلا تنصرون ولا تظفرون على عدوكم؛ بل يظفر بكم عدوكم.