وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ... (١١٣) قيل: ولتميل قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة إلى زخرف القول الذي كان يوحي ويلقي شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض (وَلِيَرْضَوْهُ) لما كان الذي أوحى وألقى بعضهم إلى بعض من زخرف القول الذي يوافق هواهم، وكل من ظفر بما يوافق هواه فإنه يرضى به؛ كقوله:(إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا)، لأنهم كانوا لا يؤمنون بالآخرة ولا يرجون لقاءه وكانت همتهم هذه الدنيا ورضوا بها واطمأنوا فيها.
ويحتمل قوله:(وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ) أي: إلى الكتاب (أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ)؛ أي: ليس ميل قبول منهم له، ولكن ميل طلب الطعن فيه، وهكذا كانت همة أُولَئِكَ الكفرة، وعادتهم طلب الطعن فيه، والأول أشبه.
ثم إن كان زخرف القول الذي أوحى بعضهم إلى بعض من كبرائهم وعظمائهم، فقد أشرك - تعالى - هَؤُلَاءِ وأُولَئِكَ في الكذب الذي كان منهم كان من الكبراء الدعاء إلى ذلك، ومن الأتباع الرضا والإجابة؛، وكان منهم التزيينُ والزخزفة، ومن الأتباع القبولُ والرضا به، فقد اشتركوا جميعًا في ذلك الكذب، والقول: الغرور.