للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: مقاعد؛ وبه قال أَبُو عَوْسَجَةَ: (قَعِيدٌ) من المقاعدة؛ كما يقال: قعيدي وجليسي، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (رَقِيبٌ عَتِيدٌ) الرقيب: الحفيظ، والعتيد: الحاضر؛ أي: ليس بغائب حتى يغيب عنه شيء، واللَّه أعلم.

* * *

قوله تعالى: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (٢٣) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (٢٤) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (٢٥) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (٢٦) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (٢٧) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (٣١) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (٣٣) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (٣٤) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (٣٥).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ) قال أَبُو عَوْسَجَةَ: (سَكْرَةُ الْمَوْتِ) أي: شدته.

يخبر أن لا بد أن ينزل بالنفس عند الموت شدة ومشقة.

ثم الآية تخرج على وجهين:

أحدهما: أن تُجْرى على ظاهرها في الماضي؛ أعني: لفظة (جَآءَت) أي: جاءت سكرة الموت على الذين كانوا من قبلكم، فوجدتهم غير متأهبين ولا مستعدين له، والله أعلم.

والثاني: أن يكون قوله: (وَجَآءَت) بمعنى تجيء، وكذلك (وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ) وذلك جائز في اللغة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بِالْحَقِّ) أي: من أهل الشقاوة أو من أهل السعادة؛ يقول: عند ذلك يبين له ويظهر أنه من أهل السعادة أو من أهل الشقاوة؟ أو من أهل الجنة أو من أهل النار؟

وأصله عندنا: أن الحق هو ما وعد كل نفس من خير، وما أوعد كل نفس من الشر، إن كان مؤمنًا وقد وعد له الجنة فيتحقق له ذلك، وإن كان كافرًا وقد أوعد له النار فيتحقق له ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>