قال الحسن: لم يكن نسيه؛ ولكن تركه متعمدًا مضيعًا، وإنما أضاف إلى الشيطان؛ يقول: إن الشيطان حملني حتى تركت ذكره لك، وكذلك يقول في قوله في قصة آدم:(فَنسَيَ)، أي: ضيع أمره وتركه، ونحوه من المحال، ولكن لا يحتمل أن يترك أن يذكر له عمدًا، والشيطان مما يسعى بالحيلولة في مثل هذا: في أمر الذين، وفي النعم إذا كثرت واتسعت على إنسان؛ فيسعى بالإنساء في مثله.
أي: نطلب من حاجتنا من الظفر بذلك الرجل، يقول ذلك لفتاه.
ثم في الآية وجوه من الفوائد:
أحدها: أن يلزم الإنسان طلب العلم واقتباسه؛ إذ كان به وبالناس حاجة إليه، وإن بعدت الشقة ونأى الموضع؛ حيث قال موسى:(لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا).
وفيه: أن لا بأس لاثنين أن يسافرا ولا كل واحد واثنين يكونان شيطانين، على ما ذكر في بعض الأخبار:" إِنَّ الوَاحِدَ شَيطَان، والاثْنَينِ شَيْطَانَانِ "، ولكن واحدًا دون واحد، واثنين دون اثنين.
وفيه: أنه لا يسافر إلا بالزاد؛ حيث تزود موسى والفتى الحوت الذي ذكر حين خرجا إلى حيث أمر موسى أن يخرج في مجمع البحرين: فأما أهل التأويل فإنهم قالوا جميعًا: إنه أمر موسى أن يأتي الخضر؛ ليتعلم منه العلم، ولكن ليس في القرآن ذكر الخضر؛ إنما فيه ذكر عبد من عباده؛ حيث قال:(فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا).