للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ): لم يفهموا منه سوى الإماء؛ فعلى ذلك جائز أن يكون الممْهوم في قوله: (وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ) الإماء، ويحتمل الإماء والعبيد جميعًا؛ فإن كان على الإماء والعبيد جميعًا، فذلك - واللَّه أعلم - إنما أباح الدخول للعبيد على مولياتهم بلا إذن؛ لأنهم إنما يدخلون عليهن عند حاجاتهن إليهم في أوقات معلومة، وهن في تلك الأوقات يكن متأهبات لدخولهم عليهن محجبات عنهم؛ وعلى ذلك يخرج ما روى أن مكاتبًا لعائشة أم المؤمنين - رضي اللَّه عنها - كان يدخل عليها، فلما أدى فعتق منعته من الدخول عليها، وهو لما ذكرنا: أنه كان يدخل عليها لوقت حاجتها إليه، وهي كانت متأهبة لدخوله عليها، وإلا لا يحتمل أن يكون يدخل عليها ويراها متجردة أو متزينة، بعدما أمرن بالاحتجاب؛ فعلى ذلك العبيد لا يحل لهم النظر إلى مولياتهم ولا يكونون محرمًا لهن.

أو إن احتمل الآية العبيد؛ فهم بالإذن يدخلون لا بغير إذن؛ فيكون الإذن مضمرا فيه.

ثم قال: (وَاتَّقِينَ اللَّهَ).

فيما ذكر من إباحة دخول من لم يبح دخوله عليهن والنظر إليهن.

(إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا)، هذا تحذير وتوعيد لهن، واللَّه أعلم.

* * *

قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا. إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٥٨) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٥٩) لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (٦١) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (٦٢)

وقوله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٥٦)

ذكر في بعض الحديث: أنه لما نزلت هذه الآية، قيل له: يا رسول اللَّه، هذا لك فما لنا؛ فنزل قوله: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ. . .) الآية: قد بين ما صلاته وصلاة الملائكة؛ وهو ما ذكر من إخراجهم من الظلمات إلى النور، وهو دعاؤهم إلى الهدى والرشد، وذكر عن كعب بن عجرة قال: لما

<<  <  ج: ص:  >  >>