للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَوَاءٌ) وكقوله: (لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا) أو لا تكلم نفس من الأجلة والعظماء لأحد من دونهم بالشفاعة إلا بإذنه، وهو ما ذكرناه، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ): فمنهم شقي بأعماله الخبيثة التي إذا اختارها وعملها أدخلته النار، ومنهم سعيد بما أكرم من الطاعة والخيرات التي إذا اختارها وعملها أدخلته الجنة، وكل عمل يعمله فيدخله الجنة فهو سعيد به، وكل عمل يعمله فيدخله النار فهو شقي به.

روي في ذلك خبر عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: لما نزلت هذه الآية: (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) سألت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فقلت: يا نبي اللَّه، فعلام نعمل؟ على شيء قد فرغ منه أو شيء لم يفرغ منه؟ قال: " بل على شيء قد فرغ منه وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كل ميسر لما خلق له " فإن ثبت هذا فهو يدل لما ذكرناه، والله أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ ... (١٠٦) لما ذكرناه (لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) قال بعضهم: الزفير هو كزفير الحمار في الصدر، وهو أول ما ينهق، وأمَّا الشهيق فهو كشهيق الحمار في الحلق، فهو آخر ما يفرغ من نهيقه، فهو شهيق.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: الزفير هو ما لا يفهم منه شيء إنما هو كالأنين والجزع من شيء يصيبه لا يتبين منه؛ كقوله: (سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا)، والشهيق هو ما يرتفع منه الصوت يسمى شهيقًا.

ويحتمل ما ذكر من الزفير والشهيق أنهم يصيرون بعد كثرة دعائهم وندائهم حتى يكون منهم الزفير والشهيق لا يفهم؛ كصوت الدواب إذا أصابها ألم.

<<  <  ج: ص:  >  >>