دعاء، ولهذا قال مُحَمَّد بن الحسن - رحمه اللَّه - في بعض كتبه: إن الإمام يدعو في القنوت في الوتر والقوم يؤمنون.
وقوله تعالى:(فَاسْتَقِيمَا) على الرسالة وما أمرتكما به، (وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)؛ وهو كقوله لمُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: (وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)؛ وكقوله:(وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ)، ونحوه، وإن كان العلم محيطا أن الأنبياء - صلوات اللَّه عليهم - لا يتبعون سبيل أُولَئِكَ ولا يتبعون أهواءهم لما عصمهم - عَزَّ وَجَلَّ - ولكن ذكر هذا - واللَّه أعلم - ليعلم أن العصمة لا تزيل النهي والأمر بل تزيد حظرًا ونهيا، واللَّه أعلم.
وفي قوله:(وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ) دلالة خلق أفعال العباد؛ لأنه أضاف إلى نفسه أنه جاوز بهم، وبنو إسرائيل هم الذين تجاوزوا، دل ذلك أنه خالق فعلهم.
وأما قوله:(حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ) أي: حتى إذا غرق؛ لأنه ذكر في بعض القصة أن فرعون لما انتهى إلى ساحل البحر، فرأى البحر منفرجا طرقًا، فقال: إنما انفرج البحر لي، فلما دخل غرق فعند ذلك قال غريقا:(آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ثم إيمانه لم يقبل في ذلك الوقت لوجهين:
أحدهما: لما يحتمل أن يكون إيمانه عند رؤية البأس وخوف الهلاك، فهو إيمان دفع البأس لا إيمان حقيقة، وهو على ما أخبر عن إيمان الكفرة في الآخرة لما عاينوا العذاب؛