للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا ... (١٠٧)

يريد - واللَّه أعلم - أن يشهد عليهما شاهدان منا أو منهم بشيء جحداه: أنه من تركة الميت؛ فهذا استحقاق الورثة، فإذا قال المدعي قبلهما: اشتريناه من الميت، فعلى الورثة أن يحلفوا؛ فهذا - واللَّه أعلم - معنى قوله: (فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا)؛ لأن الورثة صاروا مدعى عليهم، فقاموا في هذه الحال في وجوب اليمين عليهم مقام الأولين لما كانت الدعوى عليهم؛ فهذا - واللَّه أعلم - أقرب الوجوه في تأويل الآية وأشبهها، وهو - إن شاء اللَّه - معنى ما روي عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وإن لم يذكر تفسير قوله: (مِن غَيْركُم) وهو - واللَّه أعلم -: على غير ديننا؛ لأنه ذكر المؤمنين جملة.

وأصحابنا لا يجيزون شهادة أهل الكفر في الوصية لمسلم، لا في ضرورة ولا في غيرها؛ لأنهم مع اختلافهم اتفقوا في أن شهادة الكفار لا تجوز على غير الوصية في حال ضرورة، ولا في غيرها، فشهادتهم في الوصية على المسلمين مثل ذلك.

ويمكن أن يكون تأويل الآية: (شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ) في بيان ما يجوز من شهادة ذوي العدل منا في الحضر والسفر في الوصية وفي غير الوصية؛ كقوله (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ).

وقوله - تعالى -: (ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ)، الآية، هذا في السفر والحضر.

وفي الدَّين وغير الدَّين سواء، فعلى ذلك الأول، ثم ابتدأ الحكم في غيره، فقال: (أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ). فَإِنْ قِيلَ: فما معنى قوله: (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا)؟

قيل: في ذلك بيان أن المؤتمن إذا ادعيت عليه الخيانة، وقال هو: قد ردت ما كان في يدي؛ فإنه لا يصدق إلا بعد أن يحلف، فإذا علم أنه لا يقبل قوله إلا بيمين كان

<<  <  ج: ص:  >  >>