للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: النجوى: القوم؛ كقوله: (وَإِذْ هُمْ نَجْوَى)، أي: رجال.

وقيل: النجوى: هي الإسرار؛ كقوله: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ. . .) الآية.

ثم استثنى: (إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ. . .) الآية.

فإن كان التأويل من النجوى هو فعل النجوى خاصة، فكأنه قال: لا خير في كثير من نجواهم إلا الأمر بالصدقة، والأمر بالمعروف، والإصلاح بين الناس. وإن كان تأويل النجوى هو القوم، فكأنه قال: واللَّه أعلم: " لاخير في كثير منهم إلى من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس؛ وكان هذا أقرب.

ومعنى الثنيا من الكثير فيما يرجع إلى القوم؛ فكأنه قال: لا خير في كثير منهم إلا من يرجع أمره إلى ما ذكر؛ فيصير إلى خير.

وقد يحتمل: أن قومًا منهم يرجع نجواهم إلى خير، وهم أقلهم، ومن الفعل، على أن الفعل ربما يكون فعل خير، وإن كانوا أهل النفاق والكفر، لكن بين أنه غير مقبول إلا أن يبتغي به مرضاة اللَّه، وذلك لا يكون إلا أن يؤمنوا، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ... (١١٥)

قيل: لما تبين خيانته لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - استحيا أن يقيم بالمدينة؛ فارتد، ولحق بمكة كافرًا؛ فنزل قوله - تعالى -: (وَمَن يشَاقِقِ الرَّسُولَ) يقول: يخالف الرسول (مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ).

وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى)، يقول: من بعد ما كان كافرًا تبين له الإسلام وأسلم.

وقال: لما أبان أمر طُعْمَة، وعلم أنه سرق الدرع - أنزل اللَّه - تعالى -: (وَالسَّارِقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>