أي: إن لم تنفروا يعذبكم عذابًا أليمًا، فإن كانت الآية في المنافقين فهو ظاهر، وإن كانت في المؤمنين فيحتمل قوله:(يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا): يحل بهم، ولم يبين ما ذلك العذاب.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: شدد اللَّه الوعيد في تركهم النفر والخروج في سبيل اللَّه، على ما شدد ببدر في التولية للدبر بقوله:(وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ) الآية، غير أنه شدد يوم بدر لما لم يكن ملجأ، وكان نفارهم نفار نفاق، وهاهنا شدد لغير ذلك؛ لوجوه:
أحدها: لما في تخلف المؤمنين عنه موضع العذر للمنافقين بالتخلف عنه أنهم إن تخلفوا للعذر، فنحن نتخلف -أيضًا- للعذر، ولنا في ذلك عذر.
والثاني: يكون للكفار موضع الاحتجاج عليهم، يقولون: إنهم يرغبوننا في الآخرة ويحثوننا في ذلك، ثم إنهم ينفرون عن ذلك ويرغبون عنه.
والثالث: يكون في تخلفهم الشوكة على المؤمنين؛ إذ يقلون إذا تخلفوا.