للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأمر وبنهي، أي: فيها أمر ونهي.

(وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ).

أنه لم يعط لفضل وشرف له أو حيلة منه؛ ولكنه لأمر ونهي، واللَّه أعلم.

وقوله: (قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ... (٥٠) عين ما قال هذا الرجل؛ حيث قال: (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ)؛ كان من قارون حين قال: (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي)، ولم يزل العادة من الكفرة والرؤساء منهم وأهل الثروة قائلين بمثل هذا الكلام والقول، وهو ما أخبر عن قوم فرعون - حين قالوا -: (فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ)، وما قال أهل مكة: (وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ)، وغير ذلك من أمثال هذا، لم يزالوا قائلين هذا.

ثم أخبر أن ذلك لم يغنهم حيث قال: (فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).

هذا يحتمل وجهين:

أحدهما: ما قالوا: إنما أوتينا هذا بحيل من عندنا واكتساب، أخبر أن ذلك لم يغنهم عن دفع عذاب اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - عنهم إذا نزل بهم، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا ... (٥١)

يوعد أهل مكة ويخوفهم أنه ينزل بهم ويصيبهم بكسبهم الذي يكتسبون كما نزل بأُولَئِكَ الأوائل بمثل كسبهم وصنيعهم.

وقوله: (وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ).

أي: ما هم بمعجزين عما يريد بهم من الانتقام منهم والتعذيب، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ... (٥٢)

يذكر هذا أن اللَّه يبسط الرزق لمن يشاء لا لكرامة وفضل عند اللَّه ولا لحق قبله، ويضيق على من يشاء لا لهوان له عنده ولا لجناية؛ ولكن امتحانا لهم بمختلف الأحوال: يمتحن هذا بالسعة؛ ليستأدي به منه الشكر، ويضيق على هذا؛ يطلب منه الصبر على ذلك.

أو يمتحن بعضهم بالسعة، وبعضهم بالشدة والضيق؛ ليعلموا أن ذلك كله في يد غيرهم، لا في أيديهم؛ إذ يمتحنهم بمختلف الأحوال ليكونوا -أبدا- فزعين إلى اللَّه في كل وقت وكل ساعة، ولو كان السعة والنعمة لكرامة عند اللَّه وفضل - على ما ظن

<<  <  ج: ص:  >  >>