للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتوكل على اللَّه، وثق به، ولا تخافهم، فإن اللَّه - تعالى - يدفع عنك شرهم وكيدهم.

ويحتمل: (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) في جزائه؛ فإن اللَّه هو يتولى جزاء تكذيبهم إياك، والله أعلم.

(وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا) فيما ذكرنا.

أي: كفى به مانعًا، فلا أحد أمنع منه.

وقيل: (وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا)، مما يبيتون وحافظًا.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: لا يكون التبييت إلا بالليل، يؤلفون الشيء ويقدرونه بالليل.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)

لو كان الحكم لظاهر المخرج على ما يقوله قوم - لكان القرآن خرج مختلفًا متناقضًا؛ لأنه قال - عَزَّ وَجَلَّ - في الآية: (لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. . .) الآية، ويقول في آية أخرى: (إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)، لو كان على ظاهر المخرج فهو مختلف، وكذلك قوله - تعالى -: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ)، وقال اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - في آية أخرى: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا) في إحداهما حظر وفي الأخرى إباحة، فلو كان على ظاهر المخرج والعموم - لكان مختلفًا متناقضًا، ويجد أهل الإلحاد أوضح طعن فيه وأيسر سبيل إلى القول بأنه غير منزل من عند الرحمن؛ إذ به وصفه أنه لو كان من عند غير اللَّه لوجدوا فيه اختلافا كثيرًا.

وقال - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ. . .) الآية، وقال - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، ثم وجد أكثر ما فيه الحكم متفرقًا إلى غير المخرج، ومحصلا على غير مجرى اللفظ من العموم والخصوص؛ فدل به أن الحكم لا كذلك، ولكن المعنى المودع فيه والمدرج، لا يوصل إلى ذلك إلا بالتدبر والتفكر فيه، وإلى هذا ندب اللَّه عباده؛ ليتدبروا فيه؛ ليفهموا

<<  <  ج: ص:  >  >>