للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِلَى مَدْيَنَ ... (٨٤) أي: إلى مدين أرسلنا، (أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) هذا قد ذكرنا فيما تقدم: أن كل نبي أول ما دعا قومه إنما دعا إلى توحيد اللَّه، وجعل العبادة له.

وفي قوله: (أَخَاهُمْ شُعَيْبًا) وما ذكر في غيره من الأخوة دلالة على أن الرسل من قبل كانوا يبعثون من جنس قومهم لا من الملائكة حيث قال: (أَخَاهُمْ شُعَيْبًا)، ومعلوم أنهم لم يكونوا إخوة لهم في الدِّين، وفيه أن المؤاخاة لا توجب فضيلة المؤاخى له؛ لأنه ذكر أن الرسل، إخوة أُولَئِكَ الأقوام، ومنهم كفرة، وذلك يرد قول الروافض في تفضيل علي على أبي بكر بالمؤاخاة التي كانت بين رسول اللَّه وبين علي؛ والخلة توجب الفضيلة، وقد جاء عنه عليه السلام أنه قال: " لو اتخذت سوى ربي خليلًا، لاتخذت أبا بكر خليلًا ".

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ)، ذكر أنهم كانوا ينقصون المكيال والميزان، ولا يوفون الناس حقوقهم، فنهاهم عن ذلك، فهو - واللَّه أعلم - لوجهين:

أحدهما: أنهم إنما نهوا عن ذلك؛ لحق الربا؛ لأن النقصان إذا كان برضا من صاحبه يجوز؛ فدل أنه إنما نهاهم بحق الربا، وفيهما يجري الربا.

<<  <  ج: ص:  >  >>