للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجَنَّةَ؛ إِذَا عَبَدَهُ، وَلَمْ يُشْرِكْ غَيرَهُ فِيهِ أَحَدًا " ليكون هذا تأويلًا للآية أن قوله: (اتَّقُوا اللَّهَ) ولا تكفروه؛ فيكون فيه الأمر بالإيمان، والنهي عن الكفر؛ لأنه ليس في وسع أحد أن يتقي اللَّه حق تقاته في كل العبادة؛ ألا ترى إلى ما روي من أمر الملائكة مع ما وصفوا من عبادتهم أنهم (لَا يَفتُرُونَ)، و (لَا يَسْأَمُونَ)، ثم يقولون: ما عبدناك حق عبادتك؟!. وإذا كان أحد لا يبلغ ذلك فلا يحتمل تكليف مثله، وجملته: أن ذلك ليس بذي حدّ وغاية، فلذلك كان - واللَّه أعلم - الأمر فيه راجع إلى الإسلام، أو في نفي حق الإشراك خاصة، لا في جميع الأحوال والأفعال، دليله ما ختم به الآية، وفي وسع الخلق ألا يشركوا أحدًا في عبادته؛ ألا ترى أنه قال: (وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)؟!.

وفي ظاهر الآية النهي عن الموت إلا مسلمًا، وليس في الموت صنع للخلق، والمعنى - واللَّه أعلم -: أي: كونوا في حال إذا أدرككم الموت كنتم مسلمين؛ فالنهي فيه نهي عن الكفر، والأمر بالإسلام، حتى إذا أدركه الموت أدركه وهو مسلم، والله أعلم.

وقد يكون على بيان ألا عذر عند الموت -وإن اشتد أمره- بالذي ليس بإسلام.

وروي عن أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: " أكثر ما يسلب الإيمان عند الموت؛ كان الشيطان يطمعه في أمر لو أعطاه ما طلب ".

ويحتمل قوله: (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) أي: احذروا عذاب اللَّه حق حذره، واحذروا نقمته؛ كقوله: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) بمعنى نقمته.

وقوله: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا (١٠٣) اختلف فيه؛ قيل: حبل اللَّه؛ يعني: القرآن، وهو قول ابن مسعود، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: " حبل اللَّه: الجماعة، وإنما هلكت الأمم

<<  <  ج: ص:  >  >>