والخنزير، وهو أقبح جوهر في الطبع والعقل وأوسخه، ومن (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) يعني: الشيطان (أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا) في الدنيا؛ لما حول جوهرهم إلى أقبح جوهر في الأرض - من الذين لم يحول جوهرهم إلى ذلك؛ إذ لم يروا أحدًا من المؤمنين حُوِّل جوهره إلى جوهر مَنْ ذُكِرَ، وقد رأوا كثيرًا من أوائلهم قد حولوا من جوهرهم إلى هذه الجواهر المسئقبحة في الطبع المؤذية. أو يكون على الإضمار على أثر أمر كان ونحن لم نعلم به؛ فنزل عند ذلك.
وعن الحسن قال: قوله - تعالى -: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ): الذين لعنهم اللَّه، والذين غضب عليهم، والذين عبدوا الطاغوت، والذين جعل منهم القردة والخنازير: منهم من جعله قردة، ومنهم من أبقى على جوهره الذي كان، (أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا) في الدنيا والآخرة.
وهي في المنافقين أشبه؛ ذكر أنهم كانوا يدخلون على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ويظهرون الموافقة له، ويخبرونه أنهم يجدون نعته وصفته في كتبهم، ويضمرون الخلاف له في السر وهزءوا به؛ فقال عند ذلك:(وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ): أخبر - عَزَّ وَجَلَّ - نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: أنهم دخلوا بالكفر؛ لأنهم يقولون ذلك استهزاء، وعلى ذلك خرجوا؛ ففيه دلالة إثبات رسالة سيدنا مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه أخبرعما أضمروا؛ ليعلموا أنه إنما علم ذلك بالذي يعلم الغيب، مع علمهم أنه لا يعلمه إلا اللَّه، واللَّه أعلم بما كانوا يكتمون ويضمرون من الكفر والهزء.