وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ) كأنه - واللَّه أعلم - نهى المنافقين بالخروج إلى الغزو كقوله - تعالى -: (فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا)، وأمر المؤمنين أن يخرجوا لذلك؛ لأنه قال اللَّه - تعالى -: (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ) والمؤمنون هم الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) قيل: في إظهار دين اللَّه.
وقيل: في طاعة اللَّه - تعالى - ونصر أوليائه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) في الآية دلالة أن من بذل نفسه وماله للَّهِ - تعالى - غاية ما يجب أن يبذل استوجب العوض قبله، وإن لم يتلف نفسه فيه ولا أحدث؛ لأنه قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ)، جعل لمن يتلف نفسه فيه الثواب والعوض الذي تلفت نفسه فيه؛ لأنه اذا غلب لم تتلفت نفسه فيه، وكذلك قوله - سبحانه وتعالى -: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ)، جعل لمن قتل ولم يقتل فيه العوض؛ فهذا يدل على مسائل لنا:
من ذلك أن المرأة إذا سلمت نفسها إلى زوجها في الوقت الذي كان عليها التسليم استوجب كمال الصداق وإن لم يقبض الزوج منها.