للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا)

فيجزيكم به، أو كان به عليما: من يفعل الخير ومن لا يفعل الخير، واللَّه أعلم.

وعن الحسن في قوله: (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ)، أي: ترغبون عن نكاحهن.

وعن ابن سيرين: لا يرغب في نكاحها؛ لدمامتها، ولا يزوجها غيره؛ رغبة في مالها.

وعلى ذلك يخرج قوله - تعالى -: (وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ. . .) الآية، وقوله - تعالى -: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى. . .) الآية.

وني قوله - تعالى -: (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ) دلالة أن للولي أن يزوج اليتيمة الصغيرة؛ لأنه لو لم يكن له ذلك - لم يكن للعتاب على ترك تزويجهن من غيرهم معنى.

فَإِنْ قِيلَ: اسم اليتيم يقع على الصغيرة والكبيرة جميعًا؛ فلعل المراد من اليتيمة: الكبيرة هاهنا، قيل: هو كذلك، غير أن الغالب يقع على الصغائر منهن، واللَّه أعلم.

وفيه دلالة؛ أن الكاح قد يقوم بالواحد؛ لأنه قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ)؛ فلو لم يكن له أن يتزوجها - لم يكن لهذا العتاب معنى؛ دل أن له أن ينكح.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا ... )

قيل: خافت، أي: علمت من بعلها نشوزا.

وقيل: الخوف - هاهنا - خوف لا غير، فمن قال بالخوف فهو حمل على أن يظهر لها منه جفاء؛ يجفوها لدمامتها أو لكبرها، ويسيء صحبتها؛ لترضى بالفراق عنه؛ ليتزوج غيرها، وهو الخوف حقيقة.

وهكذا روي عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: [إنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ خشيت أن يطلقها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فجعلت يومها لعائشة - رضي اللَّه عنها - فأنزل اللَّه - تعالى] (١): (وَإنِ


(١) الثابث في البخاري وغيره أنها وهبت ليلتها لعائشة - رضي اللَّه عنهما - لا أنها خشيت أن يطلقها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - وهذا نص الحديث في البخاري - رحمه اللَّه -:
٥٢١٢ - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ «وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ بِيَوْمِهَا وَيَوْمِ سَوْدَةَ»
وكيف يصح ذلك والنبي - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يكن ملزمًا بالعدل في القسمة بين أزواجه لقوله تعالى (تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ). اهـ (مصحح النسخة الإلكترونية).

<<  <  ج: ص:  >  >>