هذه لك وهذه لرسولك، أبايعك على ما بايعت عليه رسولك. ومات؛ فنزل فيه:(وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) أي: وجب أجره.
وقيل: إنه لما سمع الرجل أن الملائكة ضربت وجوه أُولَئِكَ وأدبارهم، وقد أدنف للموت؛ فقال: أخرجوني؛ فاحتمل بينه وبين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، فلما انتهي إلى عقبة، فتوفي بها؛ فأنزل اللَّه هذه الآية، واللَّه أعلم بذلك.
وفي قوله:(إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ) - دلالة أن إسلام الولدان إذا عقلوا إسلامهم - إسلام، وكفرهم كفر؛ لأنه تعالى استثناهم وعذرهم في ترك الهجرة؛ فلو لم يكن إسلامهم إسلامًا، ولا كفرهم كفرًا - لكان مقامهم هنالك وخروجهم منها سواءً، ولا معنى للاستثناء في ذلك؛ إذا لم يكن عليهم خروج، واللَّه أعلم.
أباح اللَّه - تعالى - القصر من الصلاة؛ إذا ضرب في الأرض إذا خاف أن يفتنه الكفار، ولم يبين القصر في ماذا؟ فيحتمل: القصر قصرًا من الركعات؛ على ما قال أصحابنا - رحمهم اللَّه تعالى - ويحتمل: القصر من الركوع والسجود والقيام بالإيماء؛ كقوله:(فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا)، رخص للخائف الصلاة بالإيماء.
ويحتمل: القصر قصر الاقتداء، وذلك -أيضًا- مباح عند الخوف.
ثم تأول قوم أن الصلاة كانت ركعتين، فزيدت في صلاة الحضر، وأقرت في صلاة السفر، ورخص في القصر من ركعتي السفر في حال الخوف، وقالوا: صلاة الخوف ركعة.