للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحتمل النهي عن اتخاذ أُولَئِكَ أولياء وجوهًا:

يحتمل: النهي قبل أن يتخذوا؛ لئلا يتخذوا.

ويحتمل: النهي بعدما اتخذوا أولياء: لا في الدِّين، ولكن في بعض المكاسب.

ويحتمل: أن يكون النهي للمنافقين ألا يكونوا مع أُولَئِكَ على المؤمنين، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم.

والحزب: هو العون والنصر في اللغة؛ قال الكسائي: تقول العرب: فلان حزبي، أي: ناصري وعوني.

وقوله: (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ... (٥٨)

يخبر نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - غاية سفههم بصنيعهم إذا نودي إلى الصلاة؛ لأنه ذكر في القصة: أنهم إذا سمعوا المنادي يقول: " أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه "، قالوا: حرق الكاذب، وقالوا: واللَّه ما نعلم أهل دين من هذه الأديان أقل حظّا في الدنيا والآخرة منهم، يعنون: محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه - رضي اللَّه عنهم - فدخل خادمهم ليلة من الليالي بنار وهو نائم، فسقطت شرارة؛ فحرقت البيت واحترق هو وأهله.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ)

نفى عنهم العقل؛ لما لم ينتفعوا بما عقلوا؛ وإلا كانوا يعقلون؛ وعلى ذلك يخرج قوله (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ)، لما لم ينتفعوا بما سمعوا به وعقلوا، وكذلك قوله: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ. . .) الآية: إنا نعلم أنهم كانوا يبصرون ويسمعون؛ لكن نفي عنهم لما لم ينتفعوا بالبصر والسمع واللسان؛ كمن ليس له ذلك في الأصل، واللَّه أعلم.

ويحتمل وجها آخر: وهو أن شدة بغضهم وحسدهم لنبينا مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - تمنعهم عن فهم ما خوطبوا به، وتحول بينهم وبين معرفة ذلك - فكانوا كمن ليس لهم ذلك رأسًا.

* * *

قوله تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (٥٩)

قيل: (هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا): هل تطعنون علينا، وهو قول ابن عَبَّاسٍ، رضي اللَّه عنه.

وقيل: وهل تعيبون علينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>