للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قول (آيَتَيْنِ)، والآية علامة، وعلامتهما لا تعرف إلا بالتأمل والنظر فيهما؛ فعلى ذلك ألا يفهم، مراد ما في القرآن والمعنى المودع فيه - إلا بالتأمّل والنظر فيه.

وفيهما دلالة نقض قول أصحاب الطبائع وأصحاب النجوم والدهرية وجميع الملاحدة:

أما نقض قول أصحاب الطبائع: لما ذكرنا من اتساق مجراها على سنن واحد وأمر واحد، دل أنه بالتدبير صار كذلك لا بالطبع. وأمَّا نقض قول أصحاب النجوم لما جعل النجوم مسخرة لمنافع الخلق ومغلوبة يغلبها ضوء الشمس ونور القمر حتى لا ترى؛ دل أنه لا تدبير لها وأن التدبير لغيرها. وعلى غيرهم من الملاحدة ما ذكرنا من اتصال منافع هذا بهذا ومنافع هذا بهذا، دل أنه ما ذكرنا، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ).

يحتمل الفضل الذي ذكر: الرزق والمعاش الذي ذكر في آية أخرى: (وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا)، ويحتمل أنواع فضل تكون في الذين.

(وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ).

هو ما ذكرنا أنه بهما يعرف عدد السنين والحساب.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا).

يحتمل التفصيل تفصيل آية من أخرى، أي: لم يجعلهما آية واحدة؛ على ما ذكر.

وقال الحسن: أي فصل بين ما أمر عباده ونهاهم، أي: بين وفصل ما يؤتى مما يتقَى، و (فَصَّلْنَاهُ): أي: فصله تفصيلًا لم يتركه مبهمًا؛ بل بين غاية البيان.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣)

اختلف في قوله: (طَائِرَهُ):

قَالَ بَعْضُهُمْ: (طَائِرَهُ): شقاوته وسعادته، ورزقه وعيشه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: عمله الذي عمل من خير أو شر.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: حظه ونصيبه من عمله، وهو جزاؤه ونحو ذلك، فذلك كله يرجع إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>