للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ)، فالذي علمه غيره ليس بمفتر؛ إنما يكون الافتراء من ذات نفسه فهو ظاهر التناقض.

وقوله: (عَرَبِيٌّ مُبِينٌ).

يحتمل: مبين ما لهم وما عليهم، أو مبين للحقوق التي لله عليهم وما لبعضهم على بعض، أو مبين: أي بين أنه من عند اللَّه نزل؛ ليس بمفترى.

وهذه الآية ترد على الباطنية قولهم؛ لأنهم يقولون: إن رسول اللَّه هو الذي ألَّف هذا القرآن بلسانه، ولم ينزله اللَّه عليه بهذا اللسان؛ فلو كان على ما ذكروا ما كان لأُولَئِكَ ادعاء ما ادعوا على رسول اللَّه من الافتراء.

قوله: (يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ).

قَالَ بَعْضُهُمْ: يميلون إليه، وهو قول أبي عَوْسَجَةَ والْقُتَبِيّ؛ قالوا: الإلحاد: الميل، وكذلك سمي اللحد لحدًا؛ لميله إلى ناحية القبرِ.

وقال الكسائي: هو من الركون إليه، أي: يركنون.

قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٠٤)

قال الحسن: إنه - واللَّه - من كذب بآيات اللَّه فهو ليس بمهتد عند اللَّه.

وقال أبو بكر: لا يهديهم اللَّه بتكذيبهم الآيات.

فهو كله خيال على كل من يشكل ويخفي أن من كذب بآيات اللَّه فهو غير مهتد من يظن هذا، وقول أبي بكر -أيضًا- من يتوهم أن من كذب بآيات اللَّه أنه يهديه - هذا فاسد، خيال كله، وأصله عندنا قوله: (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ)؛ لعنادهم ومكابرتهم؛ لأنهم كانوا يعاندون بآيات اللَّه ويكابرونها، ويكذبون مع علمهم أنها آيات، وأنها حق أو قال ذلك في قوم علم أنهم لا يؤمنون، ويموتون عليه؛ فمن علم منه أنه لا يؤمن لا يهديه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ... (١٠٥)

لا الذين يؤمنون بها ويصدقونها.

(وَأُولَئِكَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>