يمكن تلمس تعريف المنهج في الاصطلاح في العلوم التطبيقية وما إليها: كالطبيعة والإحياء والتاريخ، وهو أنه يعني:" الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة التي تهيمن على سير العقل وتحدد عملياته حتى يصل إلى نتيجة معلومة ".
وعلى هذا، فمنهج الماتريدي في التفسير هو الطريق الذي سلكه للكشف عن معاني القرآن بواسطة مجموعة من السبل يسلكها اختطها لنفسه واختارها دون غيرها، للوصول إلى مراده من تفسيره للقرآن الكريم.
[منهج الماتريدي في تفسير القرآن الكريم:]
سبق أن أشرت منذ قليل إلى أن الذي يحدد طريقة القدماء أو منهجهم في مؤلفاتهم، إنما كانت تتحدد تبعًا لمجموعة من العوامل المكونة لشخصياتهم سواء كانت هذه العوامل مذهبية أو ثقافية أو فكرية أو غير ذلك، وخاصة أن علماءنا القدماء لم يكونوا يعرفون عن المنهج بالمفهوم الحديث شيئًا.
ولذلك إذا أردنا الوقوف على طبيعة المنهج الذي سلكه الماتريدي في تفسيره يجدر بنا أن نقف على القضيتين الآتيتين:
القضية الأولى: مصادر الماتريدي في التفسير وطريقته في التعامل معها.
القضية الثانية: طريقة الماتريدي العامة في التفسير.
[القضية الأولى: مصادر الماتريدي وطريقته في التعامل معها:]
ما من شك في أن العالم -أي عالم- يتأثر بمن سبقوه ويستفيد من علمهم، بل ومن طريقتهم.
وفي علم التفسير يستفيد المفسر -فضلاً عن إفادته من العلماء السابقين- من مصدرين عظيمين لا يستغني عنهما، ولو استغنى عنهما لأصاب تفسيره خلل عظيم وعطب خطير، ألا وهما الكتاب والسنة.