قوله:(أَأَسْجُدُ)، أي: لا أسجد؛ كقوله:(لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ) فدل هذا أن قوله: (أَأَسْجُدُ) معناه، أي: لا أسجد. ذكر في قصة إبليس ألفاظًا مختلفة:
مرة قال:(يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ)، وقال في موضع آخر:(مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ)، وفي موضع آخر:(مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) ونحوه؛ فجائز أن يكون ذكر هذا على اختلاف الأحوال لا في حال واحدة.
هذا على ما ذكر في قصة آدم من اختلاف الأحوال حيث قال مرة:(مِن تُرَابٍ)، وقال مرة:(مِن طِينٍ)، ومرة:(مِنْ صَلْصَالٍ)، ونحوه، وذلك إخبار عن أحوال تغيرت فيها.
وجائز أن يكون ذلك بغير هذا اللسان؛ فذكر هاهنا بألفاظ مختلفة؛ والزيادة والنقصان؛ لأن اختلاف الألفاظ لا يغير المعنى.
قد أقر إبليس - لعنه اللَّه - بالفضيلة لآدم والإكرام له إما من جهة الطاعة له والنبوة التي أعطاها اللَّه له، وإن ادعى لنفسه الفضيلة عليه من جهة الخلقة؛ بأنه ناري وهو طيني، حيث:(قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ): أقر بالفضل له عليه، والإكرام: إما لطاعتهم له، أو لما جعله رسولًا إلى خلقه.