للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخلفاؤهم في كل أمر من التعليم، والدعاء لهم إلى كل خير وطاعة.

وقيل: الصِّدِّيق: هو الذي يصدق الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في أول دعوة دعاه إلى دين اللَّه - تعالى - وفي أول ما عاينه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالشُّهَدَاءِ) قيل: الشهيد: الذي قتل في سبيل اللَّه.

وقيل: الشهيد: هو القائم بدينه.

وقيل: الصديقون والشهداء والصالحون كله واحد.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (٧٠) دلت الآية على أن الجزاء إفضال من اللَّه - تعالى - إذ قد سبق من عنده الإنعام والإفضال عليهم؛ فيخرج طاعتهم له مخرج الشكر له، لا أن عليه ذلك وأن الجنة لا يدخل فيها إلا برحمته وفضله.

وقوله: -أيضًا- (ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ) أي: ذلك الإنعام الذي أنعم عليهم فضل من اللَّه.

ويحتمل قوله: (ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ) أي: ما أحسن من الرفقة بينهم؛ فذلك فضل منه.

والآية ترد على أصحاب الأصلح؛ لأن تلك الأفعال إنما صارت قربة للَّهِ بإنعام من الله وإفضاله وتوفيقه، وبه استوجبوا الثواب.

وقوله - تعالى أيضًا -: (ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ) بعد العلم بأن الفضل هو بذل ما لم يكن عليه، وبذل ما عليه هو الوفاء، لا الفضل في متعارف اللسان والمعتاد.

ثم لا يخلو من أن يرجع منه إلى الخيرات التي اكتسبوها؛ فيبطل به قول المعتزلة بما لا يخلو من أن كان منه ذلك الفضل أو مثله إلى الكافر أولى، فإن كان منه لم يكن للامتنان منه بالذي كان منه وجه يستحقه، وقد كان منه إلى غيره، فلم ينل تلك الدرجة، ولا بلغ تلك الرتبة؛ فبان أنه لا بذلك بلغ من بلغ، فيكون منه فيما لم يكن.

وأيضًا: إنه لو لم يكن معه ذلك عنهم لم يكن البذل فضلا لما ذكرت؛ ثبت أن ليس الحق عليه كل ما به الأصلح في الدِّين؛ لما يزيل معنى الفضل، وإن لم يكن إعطاء الكافر مثله فهو عندهم محاباة منه على المؤمن، وقد منع بعض ما عليه في الأصلح، وذلك عندهم بخل، جل اللَّه عما وصفوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>