للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كذلك، فقد وقعت الواقعة يومئذ، وهذا على اختلاف الأوقات؛ ليكون معنى الآيات التي جاءت في الجبال على السواء، واللَّه أعلم.

وقيل: في آيات أخر بيان آخر: بيان تقديم فناء الجبال قبل الأرض بقوله: (يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا. فَيَذَرُهَا)، أي: يذر الأرض (قَاعًا صَفْصَفًا)، وغيرها من الآيات؛ مما يدل على تقديم فناء الجبال قبلها، فإما أن يكون معنى تبديل الأرض تغييرها عن الحالة التي هي عليها اليوم من انهدام البنيان، واستواء الأودية، وإزالة الجبال؛ على ما جاء في الأخبار، فسمي لذلك: تبديلًا؛ كما يقال لمن تغير عن الحالة الحسنة إلى غيرها: تبدلت، يراد: أي: تغيرت عن حالتك؛ فعلى ذلك معنى الآية؛ أي: تكسر الجبال، وتتغير حالة الأرض في دفعة واحدة.

أو يكون في الآية إخبار عن شدة الفزع في ذلك اليوم أن يدكه دكة واحدة؛ تفني الجبال والأرض، وإن كان إفناء الجبال قبل إفناء الأرض، ليس أنهما يفنيان جميعًا بدفعة واحدة، لكن بالدكة الواحدة تهلك الجبال والأرض؛ فيكون المراد بيان شدة اليوم وهوله؛ لا بيان ترتيب فناء البعض على البعض، واللَّه أعلم.

وقوله - تعالى -: (فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١٥) وهو الحساب والجزاء؛ كقوله: (وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ)، وأدخلت الهاء في أسماء القيامة تعظيمًا لشأنها.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (١٦) قَالَ بَعْضُهُمْ: تفرقت، وهكذا الشيء إذا انشق تفرق وتباين، وبه يظهر الشق.

ويحتمل أن يكون الشق كناية عن اللين؛ أي: تلين بعد صعوبتها، دليله:

قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ) أي: ضعيفة بعدما كانت تنسب إلى الصلابة، ويدل على ذلك قوله: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ)، وإنما يطوى الشيء في الشاهد بعدما يلين في نفسه.

وجائز أن تنشق السماء لنزول أهلها، فلا يبقى فيها إلا الملائكة الذين على أطرافها، ثم تنضم فتبين للطي، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>