يحتمل: فلا تكونن من الجاهلين: من قضاء اللَّه وحكمه.
ويحتمل: لا تكونن من الجاهلين: من إحسانه وفضله، أي: من إحسانه وفضله يجعل لهم الهدى.
ويحتمل: لا تكونن من الجاهلين أنه يؤمن بك بعضهم وبعضهم لا يؤمن.
قال أبو بكر الكيساني في قوله:(وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى) أي: لو شاء الله ابتلاهم بدون ما ابتلاهم به ليخف عليهم، فيجيبون بأجمعهم، أو يقول: لو شاء اللَّه، لوفقهم جميعًا للهدى فيهتدون، وهو قولنا، لكن لم يشأ؛ لما ذكرنا أنه لم يوفقهم لما علم منهم أنهم يختارون الكفر.
وقوله:(فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ)، بأن اللَّه قادر لو شاء لجعلهم جميعًا مهتدين.
ثم معلوم أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كان معصومًا، لا يجوز أن يقال إنه يكون من الجاهلين أو من الشاكرين، على ما ذكر، ولكن ذكر هذا - واللَّه أعلم - ليعلم أن العصمة لا ترفع الأمر والنهي والامتحان، بل تزيد؛ لذلك كان ما ذكر، واللَّه أعلم.
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ) معناه - واللَّه أعلم - إنما يستجيب الذين ينتفعون بما يسمعون، وإلا كانوا يسمعون جميعًا، لكن الوجه فيه ما ذكرنا أنه إنما يجيب الذين ينتفعون بما يسمعون، وهو كقوله - تعالى -: (إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ) كان النبي - عليه السلام - ينذر من اتبع الذكر ومن لم يتبع، لكن انتفع
بالإنذار من اتبع الذكر، ولم ينتفع من لم يتبع، وهو ما ذكر - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ