والطاغوت: هو كل معبود دون اللَّه - تعالى - وعلى هذا التأويل خرج قوله - سبحانه وتعالى -: (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ. . .) أي: جاء أهل النفاق يحلفون باللَّه: أنه لم يرد بالتحاكم إلى ذلك إلا إحسانًا وتوفيقًا.
وفي الآية دلالة إثبات رسالة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ وذلك أن قوله - سبحانه وتعالى -: (يُرِيدُونَ أن يَتَحَاكمُوَا) قصدوا أن يتحاكموا ولم يتحاكموا بعد، فأخبرهم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بذلك؛ فعلموا أنه إنما علم ذلك باللَّه، لكنهم لشدة تعنتهم وتمردهم لم يتبعوه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا) أي: يزين لهم الشيطان ليضلوا ضلالاً بعيدًا؛ أي: لا يعودون إلى الهدى أبدًا، فيه إخبار أنهم يموتون على ذلك، فكذلك كان، وهو في موضع الإياس عن الهدى.
أي: إذا قيل لهم: تعالوا إلى حكم ما أنزل اللَّه في كتابه، وإلى الرسول، وإلى أمر الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وسنته - (رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا)
والصدود: هو الإعراض في اللغة، والصد: الصرف.
وقال الكسائي: يقرأ: " يَصِدُّونَ " بكسر الصاد، و " يَصُدُّونَ " بضم الصاد.