وقَالَ بَعْضُهُمْ: آذوه؛ لأنه كان خرج بهارون إلى بعض الجبال؛ فمات هارون هناك، فرجع موسى إليهم وحده؛ فقال بنو إسرائيل لموسى: أنت قتلته حسدًا؛ فقال موسى:" ويلكم، أيقتل الرجل أخاه "؛ فآذوه، فذلك قوله:(لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا)؛ فجاءت به الملائكة فوضعته بينهم، فقال لهم: لم يقتلني أحد؛ إنما جاء أجلي فمت، فذلك قوله:(فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا).
هذا يشبه أن يكون - وغيره - كأنه أقرب وأشبه، وهو ما كان قوم كل رسول نسبوا رسولهم إلى الجنون مرة، وإلى السحر ثانيًا، وأنه كذاب مفتر، ونحوه، على علم منهم أنه رسول اللَّه، ولا شك أنهم كانوا يتأذون بذلك جدا؛ ولذلك قال:(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ): لا يحتمل أن يكون هذا في الأول؛ لأنهم لو كانوا علموا أنه ليس به ما ذكروا - لم يؤذوه؛ فدل أن أذاهم إياه فيما ذكرنا، وفي أمثال ذلك، وكذلك ما نهى قوم رسول اللَّه من الأذى له؛ لما نسبوه مرة إلى الجنود، وإلى السحر ثانيًا، وإلى الافتراء والكذب على اللَّه ثالثًا، لا فيما ذكر أُولَئِكَ.
جائز أن يكون قوله:(اتَّقُوا اللَّهَ)، أي: اتقوا الشرك في حادث الوقت، (وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا)، أي: ائتوا بالتوحيد في حادث الوقت؛ لأنه إنما خاطب به المؤمنين: