وفي حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " إلا ما يتلى عليكم فيها "، في سورة الأنعام:(قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا. . .) إلى آخره.
وهذا - واللَّه أعلم - أي: إلى اللَّه الحكم، يحكم بما شاء من التحريم والتحليل، فيما شاء، على ما شاء، ليس إليكم التحكم عليه، وهذا ينقض قول المعتزلة؛ لأنهم يقولون: يريد طاعة كل أحد، ولو أراد ذلك لحكم؛ لأنه أخبر أنه يحكم ما يريد، ولا جائز أن يريد ولا يحكم؛ فدل أنه: لم يرد؛ لأنه لو أراد لحكم، وباللَّه العصمة.
عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: كان المشركون يحجون البيت الحرام، ويهدون الهدايا، ويعظمون حرمة المشاعر، وينحرون في حجهم، فأراد المسلمون أن يغيروا عليهم؛ فأنزل اللَّه - تعالى -: (لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ)، يعني: لا تستحلوا قتالاً فيه، (وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ. . .) الآية.
وقال غيره: قوله: (لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ)، يعني: المناسك، لا تستحلوا ترك شعائر اللَّه، والشعائر هن المناسك؛ ألا ترى أن اللَّه - تعالى - سمي كل منسك من الحج شعائر اللَّه؟! كقوله تعالى:(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)، وقال:(وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ)، كل هذا من شعائر اللَّه، وهن معالم اللَّه في الحج.
وقيل: شعائر اللَّه: فرائض اللَّه؛ كأنه قال: لا تستحلوا ترك ما فرض اللَّه عليكم.
وقال الحسن:(شَعَائِرِ اللَّهِ): قال: دين اللَّه، وهو واحد.
وقيل في قوله:(جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ. . .) حتى بلغ [(وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ)]، فقال: حواجز أبقاها اللَّه بين الناس في الجاهلية؛ فكان الرجل لو جر