عليه.
(وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (٦٤) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا).
قوله: (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٦٥) ينقض على الجهمية قولهم، وعلى أبي الهذيل العلاف.
أما على الجهمية؛ لأنهم يزعمون أن الجنة والنار تفنيان ولهما النهاية، وقالوا: لأنا لو لم نجعل لهما النهاية والغاية، لخرجتا عن علم اللَّه؛ لأن الشيء الغير المتناهي خارج عن علمه؛ لكن هذا بعيد، جهل منهم بربهم؛ لأن علمه بالشيء الغير المتناهي: أنه غير متناه، وعلمه بالمتناهي: أنه متناه، ولا يجوز أن يخرج شيء عن علمه متناهيًا كان أو غير متناه، وباللَّه العصمة.
وأمَّا العلاف؛ فلأنه يقول: إن أهل الجنة وأهل النار يصيرون بحال في وقت ما حتى إذا أراد اللَّه أن يزيد لأحد منهم لذة أو نعمة أو عذابا - لم يملك عليه، أو كلام نحو هذا؛ فنعوذ باللَّه من السرف في القول على اللَّه.
وقوله: (لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا).
مما طمعوا في الدنيا ورجوا من كثرة الأسباب والحواشي، أو عبادة الأصنام وغيرها أن ينفعهم ذلك وينصرهم في الآخرة؛ بل ضل عنهم ذلك وحرموا؛ على ما أخبر: (وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ)، واللَّه أعلم.
وقوله: (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ... (٦٦)
وقال في آية أخرى: (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ)، وأصله ما ذكر في قوله: (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ): يفعل بهم في الآخرة على ما كانوا في الدنيا.
وقوله: (يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا).
لا يزال الكفرة قائلين لهذا القول مترددين له في الآخرة؛ لما رأوا من العذاب حين حل بهم (يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا): الرسول المطلق: رسول اللَّه والسبيل المطلق: هو دين اللَّه، هو المعروف في القرآن.
وقوله: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (٦٧) قَالَ بَعْضُهُمْ السادة: الملوك، والكبراء: العلماء.
وجائز أن يكون السادة: القادة، والكبراء: دونهم.
و (الرَّسُولَا) و (السَّبِيلَا): أثبتوا الألف فيه عند الوقف، وأما عند الوصل فلا؛ وذلك أن من عادة العرب ألا تقف على الحركة؛ ولكن تزيد لها ألفًا إذا كانت فتحة، وإذا