للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شاكين في دينكم الذي أنتم عليه، فتركتم ديني الذي أنا عليه بالشك، ثم تدعونني إلى دينكم الذي أنتم عليه بالشك، يذكر سفههم بتركهم إجابتهم بالشك ودعائهم إياه بالشك إلى دينهم لأن الشك، يوجب الوقف في الأشياء، ولا يوجب الدعاء إليه إنما يوجب الدعاء إليه بطلان غيره لا الشك، هذا - واللَّه أعلم - محتمل وهو يخرج على وجهين أيضًا: أحدهما: على الإضمار، والآخر على المنابذة، والإضيار ما ذكرنا: إن كنتم في شك من ديني الذي أدين به وأدعوكم إليه فإني لا أشك فيه، هذا وجه الإضمار، ووجه المنابذة: يقول إن كنتم في شك مما أعبد وأدين به، فلا تعبدون ذلك ولا تدينون به، فأنا لا أعبد ما تعبدون ولا أدين ما تدينون؛ وهو كقوله: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ): والتوفي هو النهاية والغاية، في الإضرار، وما تعبدون من الأصنام دونه لا يملكون توفيكم ولا الإضرار بكم إن لم تعبدوها، يذكر سفههم ويلزمهم الحجة أن الذي يتوفاهم هو المستحق للعبادة لا الأصنام التي تعبدونها.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ): يشبه أن يكون قوله: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) من المرسلين؛ كقوله: (إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ)، وقال: (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ)، فعلى ذلك هذا.

ويحتمل الإيمان نفسه على ما نهي أن يكون من المشركين أو الشاكين؛ فعلى ذلك أمر أن يكون من المؤمنين المخلصين له المسلمين أنفسهم، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٥) أي: أمرت أن أقيم نفسي لله خالصة سالمة لا أشرك فيها غيره ولا أجعل لسواه فيها نصيبًا، أو أن يقول: إني أمرت أن أقيم نفسي على ما عليها شهادة خلقتها؛ إذ خلقة كل نفس تشهد على وحدانية الله وألوهيته، أو يقول: أقم وجه أمرك لما تدين به وتقيم عليه.

(وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ): هذا ما ذكرنا، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ ... (١٠٦) إن أطعته وأجبته، (وَلَا يَضُرُّكَ): إن تركت إجابته وطاعته.

<<  <  ج: ص:  >  >>