ويحتمل قوله:(أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ): الأصنام التي عبدوها؛ هن أموات غير أحياء.
قَالَ بَعْضُهُمْ: أموات لأنها لا تتكلم، ولا تسمع، ولا تبصر، ولا تنفع، ولا تضرّ؛ كالميت (أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ): أي: ليس فيها أرواح ينتفع بها كالبهائم والأنعام، ويكون قوله:(وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) راجعًا إلى الذين عبدوا الأصنام؛ لأنها لا تشعر أيان يبعثون، وهم يعلمون أنها لا تشعر ذلك؛ لكن هم يشعرون حين يبعثون.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) يبعث الآلهة والذين عبدوها جميعًا؛ كقوله:(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ) وقوله: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ). قَالَ بَعْضُهُمْ: يحشر أُولَئِكَ الذين عبدوا الأصنام، (وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ): أي: حين يبعثون، ولو شعروا ذلك في الدنيا ما فعلوا ما فعلوا، وإن كان قوله:(وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ) راجعًا إلى الملائكة والملوك الذين عبدوا دون اللَّه يكون تأويل قوله: (وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ): أي: لا يشعرون وقت يبعثون، وإن كان راجعًا إلى الأصنام، فقوله:(وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ): أي: لا يشعرون أنهم يبعثون، لا يحتمل أن يكون قوله:(لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ) وإن يقال ذلك، في الأصنام؛ لأن أُولَئِكَ يعلمون أنهم لا يخلقون، وإنما يقال ذلك في الأصنام: لا تسمع، ولا تبصر، ولا تنفع، فدل أن ذلك راجع إلى الملائكة والذين عبدوهم.
قد ذكرنا فيما تقدم ما يبين إبطال ما كانوا يعبدون، وما لا يليق بأمثالها العبادة لها؛ ونصبهم آلهة ثم ذكر ما يبين جعل الألوهية والربوبية أنه لواحد، وأنه هو المستحق لذلك دون العدد الذي عبدوها؛ فقال: إلهكم إله واحد لا العدد الذي عبد أُولَئِكَ.