للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإضافة إليه أن يضاف بحق الكليات ليكون فرقا بينه وبين العباد فيقال: (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، ويقال في الخلق: فلان عليم بكذا على الخصوص، وليعلموا أن العبيد إنما يعملون ما يعملون بعلمه، وكذلك هذا في قوله: (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وهذا على المعتزلة؛ لأنهم يقولون: إن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - ليس بقادر على كثير من الأشياء فكأنهم أشركوا في اسم القدرة غيره؛ لأنه لا أحد من الخلق إلا وله جزء من القدرة، فلو قلنا: إن اللَّه تعالى يقدر على بعض ولا يقدر على بعض لسوينا بينه وبين خلقه، وشبهناه بهم، جل اللَّه - سبحانه وتعالى - عن مثل هذا الوصف، واللَّه المستعان.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ... (١٢).

يعني: أطيعوا اللَّه فيما تعبدكم به، وأطيعوا الرسول فيما أخبر عنه.

أو أطيعوا اللَّه فيما أمركم وأطيعوا الرسول فيما دعاكم إليه، وهذا كله واحد إلا التعبد؛ فإنه لا يجوز أن يضاف إلى الرسول، وما سواه من الألفاظ من الأمر والدعاء والإخبار، فهو جائز أن يضاف إلى اللَّه تعالى وإلى الرسول - عليه السلام -.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ).

يعني: توليتم عن إجابة الرسول إلى ما دعاكم إليه وعن طاعته.

وقوله: (فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ).

فيه بيان: أن توليهم عن إجابته وكفرهم به، لا يوجب تقصيرا في التبليغ.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٣).

يجوز أن يكون هذا صلة ما تقدم من الآيات من قوله: (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، و (عَلِيمٌ) و (يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ)، ثم قال اللَّه الذي له الأوصاف التي تقدمت هو الذي لا إله إلا هو، أي: لا معبود إلا هو، وأن معبودهم ليس يجوز أن يكون معبودا؛ لتعريه عن هذه الأوصاف التي تقدم ذكرها، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>