وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ... (١٥٠) والأسف: هو النهاية في الحزن والغضب؛ كقوله:(يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ)، هو النهاية في الحزن والأسف في موضع الغضب، وكقوله:(فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ)، أي: أغضبونا، لكن الغضب يكون على من دونه، والأسف والحزن على من فوقه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (غَضْبَانَ) أي: لله على قومه لعبادتهم العجل، وتركهم عبادة اللَّه حزنا على قومه لما يلحقهم بعبادتهم العجل من العقوبة، وهكذا الواجب على من رأى المنكر أنه يغضب لله على مرتكب ذلك المنكر لمعاينته المنكر، ويأسف عليه لما يلحقه من العقوبة والهلاك؛ رحمة منه له ورأفة، ويلزم الشكر لربه؛ لما عصمه عن مثله، وكذلك وصف رسوله - عليه السلام - بالأسف والحزن لتكذيبهم إياه حتى كادت نفسه تهلك حزنًا عليهم؛ حيث قال:(لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) وقوله: (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ)، ذكر هذه القصة لنا؛ لنعرف: أن كيف نعامل أهل المناكير وقت ارتكابهم المنكر.